عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرُّهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد … تأمل!

ودعا نوح قومه ألف سنه إلا خمسين عاما مليئة بالصد والسخرية والأذى لم يؤمن فيها إلا قليل من أراذل القوم، ومع ذلك لم ييأس عن دعوته أو يفتر … تأمل!

وداع من الدعاة ظل ينشر منشورات دعوية هي في قمة النفع والجمال ويبذل لها من جهده ووقته لكن لا أحد يتابعه ويتفاعل مع منشوراته مدة سبعين سنة لكنه لم يكل أو يمل … تأمل!

تخيل لو أنك كنت مكانه، هل كنت تستطيع أن  تصمد سبعين سنة؟

تخيلت وكم كان صعبا شاقا على النفس هذا التخيل!
إن الإخلاص من الأمور التي يسهل على كل النفس زعمها في الرخاء ولكن قل أن تجدها من النفوس وقت الشدة. ولا أظن أحدا تمكن الإخلاص من قلبه حتى استطاع أن يبذل سبعين سنة من عمره لا يبتغي  إلا وجه الله يريد رضاه غير مكترث برضا الناس أو هوى نفسه أو أماني الشيطان إلا بمجاهدة.

مجاهدة صادقة، وتزكية للنفس وتربية ومحاسبة حتى تطهر نفسه وقلبه. لا يعبأ بطول الطريق ولا ما يلقاه فيه من عناء وألم واغتراب. يبتغي صدقا أن يرزقه الله الإخلاص، ويعمل صادقا أن يكون سعيه مما يرضي الله، ومن ثم متى منّ الله عليه بتمكين الإخلاص من قلبه تمكن فما عاد ينازعه شيء، والله يمن على من يشاء، ‘وإن يردك بخير فلا راد لفضله’. 

اللهم إنا نطمع أن نكون من عبادك المخلِصين المخلَصين فاجعلنا منهم بمنك وفضلك وكرمك يا كريم يا رحيم.
اللهم أخلص قلوبنا لك وطهرها من التعلق بغيرك، واجعلنا يوم نلقاك، نلقاك بقلب سليم.